فصل: تفسير الآيات (1- 5):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (105- 106):

{وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106)}
قوله عز وجل: {وبالحق أنزلناه وبالحق نَزَل} يحتمل وجهين:
أحدهما: أن إنزاله حق.
الثاني: أن ما تضمنه من الأوامر والنواهي والوعد والوعيد حق.
{وبالحق نزل} يحتمل وجهين:
أحدهما: وبوحينا نزل.
الثاني: على رسولنا نزل.
{وما أرسلناك إلا مبشراً ونذيراً} يعني مبشراً بالجنة لمن أطاع الله تعالى، ونذيراً بالنار لمن عصى الله تعالى.
قوله عز وجل: {وقرآناً فرقناه} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: فرقنا فيه بين الحق والباطل، قاله الحسن.
الثاني: فرّقناه بالتشديد وهي قراءة ابن عباس أي نزل مفرّقاً آية آية وهي كذلك في مصحف ابن مسعود وأُبيِّ بن كعب: فرقناه عليك.
الثالث: فصّلناه سُورَاً وآيات متميزة، قاله ابن بحر.
{لتقرأه على الناس على مُكْثٍ} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: يعني على تثبت وترسّل، وهو قول مجاهد.
الثاني: أنه كان ينزل منه شيء، ثم يمكثون بعد ما شاء الله، ثم ينزل شيء آخر.
الثالث: أن يمكث في قراءته عليهم مفرقاً شيئاً بعد شيء، قاله أبو مسلم.

.تفسير الآيات (107- 109):

{قُلْ آَمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)}
قوله عز وجل: {قل آمنوا بِه أو لا تؤمنوا} يعني القرآن، وهذا من الله تعالى على وجه التبكيت لهم والتهديد، لا على وجه التخيير.
{إن الذين أوتوا العلم من قَبله} فيهم وجهان:
أحدهما: أنهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قاله الحسن.
الثاني: أنهم أناس من اليهود، قاله مجاهد.
{إذا يتلى عليهم يخرُّون للأذقان سُجّداً} فيه قولان:
أحدهما: كتابهم إيماناً بما فيه من تصديق محمد صلى الله عليه وسلم.
الثاني: القرآن كان أناس من أهل الكتاب إذا سمعوا ما أنزل منه قالوا: سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا، وهذا قول مجاهد.
وفي قوله {يخرُّون للأذقان} ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن الأذقان مجتمع اللحيين.
الثاني: أنها ها هنا الوجوه، قاله ابن عباس وقتادة.
الثالث: أنها اللحى، قاله الحسن.

.تفسير الآيات (110- 111):

{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (110) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا (111)}
قوله عز وجل: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيّا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى} في سبب نزولها قولان:
أحدهما: قاله الكلبي. أن ذكر الرحمن كان في القرآن قليلاً وهو في التوراة كثير، فلما أسلم ناس من اليهود منهم ابن سلام وأصحابه ساءَهم قلة ذكر الرحمن في القرآن، وأحبوا أن يكون كثيراً فنزلت.
الثاني: ما قاله ابن عباس أنه كان النبي صلى الله عليه وسلم ساجداً يدعو «يا رحمن يا رحيم» فقال المشركون هذا يزعم أن له إِلهاً واحداً وهو يدعو مثنى، فنزلت الآية.
{ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً} فيه قولان:
أحدهما: أنه عنى بالصلاة الدعاء، ومعنى ذلك ولا تجهر بدعائك ولا تخافت به، وهذا قول عائشة رضي الله عنها ومكحول. قال إبراهيم: لينتهين أقوام يشخصون بأبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم أبصارهم.
الثاني: أنه عنى بذلك الصلاة المشروعة، واختلف قائلو ذلك فيما نهى عنه من الجهر بها والمخافتة فيها على خمسة أقاويل:
أحدها: أنه نهى عن الجهر بالقراءة فيها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة كان يجهر بالقراءة جهراً شديداً، فكان إذا سمعه المشركون سبّوه، فنهاه الله تعالى عن شدة الجهر، وأن لا يخافت بها حتى لا يسمعه أصحابه، ويبتغي بين ذلك سبيلاً، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه نهى عن الجهر بالقراءة في جميعها وعن الإسرار بها في جميعها وأن يجهر في صلاة الليل ويسر في صلاة النهار.
الثالث: أنه نهي عن الجهر بالتشهد في الصلاة، قاله ابن سيرين.
الرابع: أنه نهي عن الجهر بفعل الصلاة لأنه كان يجهر بصلاته، بمكة فتؤذيه قريش، فخافت بها واستسر، فأمره الله ألاّ يجهر بها كما كان، ولا يخافت بها كما صار، ويبتغي بين ذلك سبيلاً، قاله عكرمة.
الخامس: يعني لا تجهر بصلاتك تحسنها مرائياً بها في العلانية، ولا تخافت بها تسيئها في السريرة، قال الحسن: تحسّن علانيتها وتسيء سريرتها.
وقيل: لا تصلّها رياءً ولا تتركها حياء. والأول أظهر.
روي أن أبا بكر الصديق كان إذا صلى خفض من صوته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم «لم تفعل هذا» قال: أناجي ربي وقد علم حاجتي، فقال صلى الله عليه وسلم «أحسنت». وكان عمر بن الخطاب يرفع صوته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لم تفعل هذا» فقال أُوقظ الوسنان وأطرد الشيطان فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أحسنت». فلما نزلت هذه الآية قال لأبي بكر: «ارفع شيئا» وقال لعمر: «أخفض شيئاً».
قوله تعالى: {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولداً} يحتمل وجهين:
أحدهما: أمره بالحمد لتنزيه الله تعالى عن الولد.
الثاني: لبطلان ما قرنه المشركون به من الولد.
{ولم يكن له شريك في الملك} لأنه واحد لا شريك له في ملك ولا عبادة.
{ولم يكن له وليٌّ من الذل} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لم يحالف أحداً.
الثاني: لا يبتغي نصر أحد.
الثالث: لم يكن له وليٌّ من اليهود والنصارى لأنهم أذل الناس، قاله الكلبي.
{وكبره تكبيراً} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: صِفه بأنه أكبر من كل شيء.
الثاني: كبّره تكبيراً عن كل ما لا يجوز في صفته.
الثالث: عظِّمْه تعظيماً والله أعلم.

.سورة الكهف:

.تفسير الآيات (1- 5):

{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (1) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (3) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآَبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)}
قوله عز وجل: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب} يعني على محمد القرآن، فتمدح بإنزاله لأنه أنعم عليه خصوصاً، وعلىلخلق عموماً. {ولم يجعل له عوجاً} في {عوجاً} ثلاثة تأويلات:
أحدها: يعني مختلفاً، قاله مقاتل، ومنه قول الشاعر:
أدوم بودي للصديق تكرُّماً ** ولا خير فيمن كان في الود أعوجا

الثاني: يعني مخلوقاً، قاله ابن عباس.
الثالث: أنه العدول عن الحق الى الباطل، وعن الاستقامة إلى الفساد، وهو قول علي بن عيسى.
والفرق بين العوج بالكسر والعوج بالفتح أن العوج بكسر العين ما كان في الدين وفي الطريق وفيما ليس بقائم منتصب، والعوج بفتح العين ما كان في القناة والخشبة وفيما كان قائماً منتصباً.
{قيِّماً} فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أنه المستقيم المعتدل، وهذ قول ابن عباس والضحاك.
الثاني: أنه قيم على سائر كتب الله تعالى يصدقها وينفي الباطل عنها.
الثالث: أنه المعتمد عليه والمرجوع إليه كقيم الدار الذي يرجع إليه في أمرها، وفيه تقديم وتأخير في قول الجميع وتقديره: أنزل الكتاب على عبده قيماً ولم يجعل له عوجاً ولكن جعله قيماً.
{لينذر بأساً شديداً من لدنه} يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه عذاب الاستئصال في الدنيا.
الثاني: أنه عذاب جهنم في الآخرة.

.تفسير الآيات (6- 8):

{فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8)}
قوله عز وجل: {فلعلك باخعٌ نفسك على آثارهم} فيه وجهان:
أحدهما: قاتل نفسك، ومنه قول ذي الرُّمَّةِ:
ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه ** بشيء نحتَهُ عن يديك المقادِرُ

الثاني: أن الباخع المتحسر الأسِف، قاله ابن بحر.
{على آثارهم} فيه وجهان:
أحدهما: على آثار كفرهم.
الثاني: بعد موتهم.
{إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً} يريد إن لم يؤمن كفار قريش بهذا الحديث يعني القرآن.
{أسفاً} فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أي غضباً، قاله قتادة.
الثاني: جزعاً، قاله مجاهد.
الثالث: أنه غمّاً، قاله السدي.
الرابع: حزناً، قاله الحسن، وقد قال الشاعر:
أرى رجلاً منهم أسيفاً كأنما ** تضُمُّ إلى كشحيه كفّاً مخضبَّا

قوله عز وجل: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها} فيه خمسة أوجه:
أحدها: أنها الأشجار والأنهار التي زين الله الأرض بها، قاله مقاتل.
الثاني: أنهم الرجال لأنهم زينة الأرض، قاله الكلبي.
الثالث: أنهم الأنبياء والعلماء، قاله القاسم.
الرابع: أن كل ما على الأرض زينة لها، قاله مجاهد.
الخامس: أن معنى {زينة لها} أي شهوات لأهلها تزين في أعينهم وأنفسهم.
{لنبلوهم أيهم أحْسَنُ عملاً} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أيهم أحسن إعراضاً عنها وتركاً لها، قاله ابن عطاء.
الثاني: أيهم أحسن توكلاً علينا فيها، قاله سهل بن عبد الله.
الثالث: أيهم أصفى قلباً وأهدى سمتاً.
ويحتمل رابعاً: لنختبرهم أيهم أكثر اعتباراً بها.
ويحتمل خامساً: لنختبرهم في تجافي الحرام منها.
قوله عز وجل: {وإنّا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً} في الصعيد ثلاثة أقاويل:
أحدها: الأرض المستوية، قاله الأخفش ومقاتل.
الثاني: هو وجه الأرض لصعوده، قاله ابن قتيبة.
الثالث: أنه التراب، قاله أبان بن تغلب.
وفي الجُرُز أربعة أوجه:
أحدها: بلقعاً، قاله مجاهد.
الثاني: ملساء، وهو قول مقاتل.
الثالث: محصورة، وهو قول ابن بحر.
الرابع: أنها اليابسة التي لا نبات بها ولا زرع قال الراجز:
قد جرفتهن السُّنون الأجراز...